آخر تحديث في نوفمبر 10, 2023
تدور التحليلات الفنية بشكل عام حول المؤشرات، سواء كنت متداولًا يوميًا أو متأرجحًا. فبدون المؤشرات الفنية، كيف سنحصل على المعلومات المتعلقة بحركة الأسعار واتجاهات السوق أو أنماط الرسوم البيانية؟ يمكن تقسيم هذه المؤشرات إلى فئتين رئيسيتين: المؤشرات الرائدة والمتأخرة. بينما يحاول أحدهما توقع تحركات الأسعار المستقبلية، يعطي الآخر ردود فعل متأخرة ويؤكد اتجاهات السوق. ما هي هذه المؤشرات؟ في هذه المقالة سوف نستكشف بعض الأمثلة عليها. نأمل في النهاية أن تعرف ما يكفي من المعلومات لتحديد أيهما يناسب أسلوبك في التداول.
ما هي المؤشرات الرائدة والمتأخرة؟
المؤشرات الرائدة والمتأخرة هي أدوات للتحليل الفني تُستخدم لتقييم قوة وضعف الأسواق المالية. تتغير المؤشرات الرائدة قبل اتجاه السوق الجديد. بينما تعطي المؤشرات المتأخرة رؤى حول البيانات التاريخية لسوق معين.
بصفة رئيسية، توفر المؤشرات الرائدة للمتداولين إشارات تنبؤية حول تحركات السوق. في حين أن المؤشرات المتأخرة تقدم إشارات بعد الاتجاه الجاري بالفعل، وبالتالي فإنه الجانب “المتأخر”. على أي حال، يستخدم المستثمرون والمتداولون كلا الفئتين من المؤشرات بشكل مكثف في التحليل الفني لمساعدتهم على دراسة السوق بشكل أوضح. هناك استخدام آخر لهما وهو تحديد نقاط الدخول والخروج المثالية.
مواضيع أخرى قد تعجبك أيضًا:
تاريخ موجز للمؤشرات الرائدة والمتأخرة
إن لمؤشرات التحليل الفني تاريخٌ طويلٌ تعود أصوله إلى أوائل القرن العشرين. تستند الفكرة وراءهم إلى نظرية داو التي تؤكد بشكل أساسي أن تحركات السوق ليست عشوائية. لذلك فإنه من الممكن التنبؤ بالاتجاه التالي من خلال التحليل الدقيق لسلوك السوق السابق.
ولهذا الغرض ظهرت طرق ذكية لقراءة أنماط الرسم البياني على مر السنين. أدى هذا إلى موجة من الخطوط والأعمدة والرسوم البيانية التي تشكل أدوات مؤشر التداول اليوم.
بالإضافة إلى استخداماتها المفيدة في الأسواق المالية، تعتبر المؤشرات الرائدة والمتأخرة أيضًا بمثابة مقياس فعال للأداء الاقتصادي. وعلى هذا الأساس، لا تهتم المؤشرات بحركة الأسعار والتحليل الفني على وجه الحصر، ولكن أيضًا لقياس أهداف الأعمال والمتغيرات والمؤشرات الاقتصادية الأخرى.
ما هي المؤشرات الرائدة؟
تستخدم المؤشرات الرائدة بيانات الأسعار السابقة للتنبؤ بحركة الأسعار المستقبلية في السوق. وكأنهم “يقودون” حركة السعر. بعبارة أخرى، يمكن للمتداولين استخدام هذه المؤشرات لتوقع تحركات الأسعار في وقت مبكر. وهذا بدوره قد يتيح لهم فتح أو إغلاق تداولاتهم في بداية الحركة وركوب اتجاه معين.
كما ترى في الرسم التوضيحي أدناه، يظهر خط المؤشر الرائد صعود وهبوط السوق قبل التغير الفعلي في السعر. وعلى هذا الأساس، تحدد المؤشرات الرائدة عادة ما إذا كان السوق في حالة “ذروة الشراء” أو “ذروة البيع”، مما يساعد المتداولين بعد ذلك في تحديد نقاط دخولهم أو خروجهم من السوق.
الفرضية هنا هي أن السوق الذي يعتبر في حالة ذروة شراء من المتوقع أن يتراجع في نهاية المطاف، مما يشير إلى الحاجة إلى الخروج من مركز شراء (long position) أو بيعه منذ أن كان السعر على وشك الانخفاض. من ناحية أخرى، من المتوقع أن ينتعش السوق الذي يعتبر في حالة ذروة بيع، مما يشير إلى الحاجة إلى شراء السوق وركوب الارتفاع المتوقع في السعر.
ومع ذلك، فإن المؤشرات الرائدة لا تكون دقيقة بنسبة 100٪ في توقعاتها، وهي في الواقع سيئة السمعة بعض الشيء لإشاراتها الخاطئة. الجانب السلبي لتوقع حركة السعر قبل أن يتغير بالفعل هو أن هناك دائمًا احتمال أن يتحرك السوق في الاتجاه المعاكس.
يمكن أن يؤدي اتباعها بشكل أعمى إلى خسائر فادحة، وهذا هو السبب في أن المتداولين المحنكين غالبًا ما يجمعون بين المؤشرات الرائدة وأشكال أخرى من التحليل الفني، مثل المؤشرات المتأخرة.
أمثلة على المؤشرات الرائدة
الآن بعد أن أصبحت لديك صورة أوضح عن مفهوم المؤشرات الرائدة، دعنا نلقي نظرة على بعض الأمثلة.
مؤشر المتذبذب العشوائي (Stochastic Oscillator)
يعمل مؤشر المتذبذب العشوائي (Stochastic Oscillator) على أساس أن التغيرات في زخم السوق تحدث بشكل أسرع بكثير من التغيرات في السعر أو الحجم. وبناءً عليه، يمكننا استخدامه للتنبؤ باتجاه حركة السوق من خلال مقارنة أسعار الإغلاق الأخيرة بنطاق التداول في الجلسات السابقة.
تنشأ إشارات البيع والشراء على مؤشر المتذبذب العشوائي عندما تصل الحركة إلى نطاقات 20 و 80 نقطة. عندما يصل المذبذب إلى 80 أو أعلى، يعتبر السوق في حالة ذروة شراء وبالتالي من المتوقع أن ينخفض. على العكس من ذلك، عندما يلامس 20 أو أقل، يعتبر السوق في حالة بيع مفرط مع ارتفاع متوقع في الأسعار.
مستويات الدعم والمقاومة الرئيسية
تحدث مستويات الدعم والمقاومة عندما يقترب السعر من مستوى محدد عدة مرات خلال فترة معينة دون تجاوزه. هذا يعني أنه بمجرد وصول السعر إلى هذا المستوى، فإنه سيرتد عنه ويتحرك في الاتجاه المعاكس. يعمل مستوى المقاومة كالسقف الذي يجد السعر بعده صعوبة في الصعود. أما مستوى الدعم فيشبه الأرض الذي يتوقف السعر بعده عن الانخفاض.
يمكن أن تساعد معرفة مكان مستويات الدعم والمقاومة على الرسم البياني المتداولين في توقع اتجاهات السوق في المستقبل القريب. كما أنها تساعدهم في تحديد نقاط الدخول والخروج المثالية.
في الرسم التوضيحي أعلاه، يمكنك أن ترى كيف ارتد السعر عن مستويات المقاومة والدعم ثم تحرك في الاتجاه المعاكس. لذلك إذا كنت ترغب في بدء التداول، فمن الناحية النظرية يمكنك فقط انتظار وصول السعر المتناقص إلى خط الدعم قبل الشراء حيث من المرجح أن يرتفع السعر من هناك. هذا بالطبع يفترض أن الدعم لن ينكسر.
مؤشرات رائدة أخرى تتضمن:
- تصحيح فيبوناتشي (Fibonacci retracements)
- قنوات دونشيان (Donchian)
- مؤشر القوة النسبية (RSI)
- مؤشر ويليمز %R
ما هي المؤشرات المتأخرة؟
تستخدم المؤشرات المتأخرة أيضًا بيانات حركة السعر السابقة. ولكنها تستخدم بشكل أساسي لتأكيد الاتجاه الحالي وقياس قوته بدلاً من توقع تحركات السوق المستقبلية. لذلك، يمكن للمتداولين والمستثمرين التأكد من أن الاتجاه موثوق قبل إرسال أمر الشراء أو البيع.
استنادًا إلى الرسم التوضيحي، يمكنك أن ترى أن المؤشر المتأخر يحدث بعد تغير السعر. وهذا يعني أن أي أحدٍ يراقب السوق سيشهد حركة السعر قبل أن يؤكده المؤشر.
بالطبع هذا يؤدي في النهاية إلى خسارة المتداول بضع نقاط بعد بدء الحركة. ولكن بالنسبة للكثيرين فإن الخسارة تعد ثمنًا لا بد منه للدفع، نظرًا لأن الخسائر المحتملة للتداول على إشارة خاطئة قد تكون أكثر من ذلك بكثير. من خلال أخذ الوقت الكافي لإنشاء إشارات المعاملات وتأكيد قوة الاتجاه الحالي، يمكنك اتخاذ قرارات تداول مستنيرة.
عادةً ما يتم رسم المؤشرات المتأخرة مباشرةً على مخطط الأسعار وهي أدوات فعالة في الأسواق الشائعة أو في الأسواق التي تشهد تقلبات عالية. ويفضلها العديد من المتداولين لأنها تساعدهم في التداول بثقة أكبر. في الواقع، ليس غريبًا أن يقوم المتداولون الأذكياء برسم مؤشريْن أو أكثر من المؤشرات المتأخرة للتحقق من اتجاهات الأسعار قبل تنفيذ عملية تداول.
التطبيق العملي
على الرغم من كل ما قيل، فإنه من المهم عدم الاعتماد بشكل زائد على المؤشرات المتأخرة. يمكن أن تخدعك وتجرك لإحساس زائف بالأمان إذا كنت تعتقد أنه يمكنها تحقيق ربح طوال الوقت. هناك دائمًا خطر فقدان مكاسب جيدة أو حتى خسارة كاملة، وذلك نظرًا لأنها بطيئة الاستجابة. هذا هو الحال بشكل خاص في المواقف التي تميل فيها التغييرات في الأسعار إلى الحدوث بسرعة كبيرة في الأسواق المتقلبة مثل سوق العملات المشفرة.
وبالتالي ستشتمل استراتيجية التداول المثالية على مزيج من كليهما المؤشرات الرائدة والمتأخرة. باستخدام مجموعة للتنبؤ بحركة السوق ومجموعة أخرى لتأكيدها.
أمثلة على المؤشرات المتأخرة
هناك العديد من المؤشرات المتأخرة المتاحة اليوم. لاحظ أنها تستخدم حسابات مختلفة. ونتيجة لذلك، هناك احتمال أن يُظهِر كلُّ واحدٍ إشاراتٍ مختلفة. لنلق نظرة على بعض الأمثلة.
المتوسطات المتحركة
المتوسط المتحرك (MA) هو مؤشر متأخر لأنه يعطي إشارات شراء أو بيع بناءً على بيانات أسعار تاريخية. تحدث إشارة البيع أو الشراء عندما يتجاوز خط السعر خط المتوسط المتحرك أو عندما يتقاطع خطي المتوسط المتحرك مع بعضهما البعض. ولكن نظرًا لأننا نحسبها استنادًا إلى نقاط السعر السابقة، فإن السعر الحالي سيكون دائمًا قبل المتوسط المتحرك.
كما ترى في الرسم البياني أعلاه، فقط بعد أن وصل السعر إلى الذروة التي تجاوزها المتوسط المتحرك فوقه. ومع ذلك، فإنه يؤكد أن السوق حاليًا في اتجاه هبوطي على المدى القصير. وهذه المعلومات مفيدة بالطبع للمتداول.
مؤشر بولينجر باندز (Bollinger Bands)
يندرج مؤشر بولنجر باند ضمن فئة مؤشرات التقلب. يتكون من خط المتوسط المتحرك البسيط (SMA) وخطين خارجيين يمثلان الانحرافات المعيارية بعيدًا عن المتوسط المتحرك البسيط وبالتالي يعملان كمقياس مناسب للتقلبات.
سوف تتسع النطاقات الخارجية فيما يتعلق بزيادة التقلبات والتلامس مع انخفاض التقلبات. هذا مفيد للمتداولين لأنه يساعدهم على “ضبط الوقت” لتداولاتهم. في النهاية، لا أحد يريد أن يحتفظ بمركزٍ عندما يمر السوق بتقلبات شديدة.
مؤشرات متأخرة أخرى تتضمن:
- تقارب وتباعد خطوط المتوسط المتحرك (الماكد MACD)
- سوبر تريند (Supertrend)
- التوقف والانعكاس (البارابوليك Parabolic SAR)
الخاتمة
إن المؤشرات الرائدة والمتأخرة ضرورية لاتخاذ قرارات مستنيرة، سواء كنت تستخدمها للتحليل الفني أو تخطيط الأعمال أو الاقتصاد الكلي. الآن بعد أن أصبحت لديك فكرة عن كيفية استخدامها، الأمر متروك لك لتحديد المؤشرات التي ستستخدمها في نظام التداول الخاص بك بناءً على تحملك للمخاطر وأهدافك الاستثمارية.
لاحظ أن بعض الأدوات ستعمل بشكل أفضل في بيئات معينة أكثر من غيرها. لا تتردد في التدرب على حساب افتراضي وإتقان مهاراتك في التفسير قبل إطلاقها على الرسوم البيانية الحية.