آخر تحديث في مايو 27, 2021
صاغ “ميلتون فريدمان” في الأصل مصطلح مروحية الأموال في عام 1969، على الرغم من ذلك إلا أنه أصبح شائعًا فقط في الفترة ما بين عامي 2008-2009 بسبب استخدام رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي “بن برنانكي” لهذه العبارة بشكل متكرر. وبعد وصوله للوعي العام، أصبح هذا التعبير دعامة أساسية للحوار الاقتصادي الحديث. حيث يشير إلى الضخ المباشر لرأس المال من ميزانية الحكومة المركزية إلى المجتمعات والأفراد الفقراء. في الواقع، يمكن إنفاق أموال الهدايا بحرية على السلع الاستهلاكية من قبل أولئك الذين لم يتمكنوا من شرائها سابقًا.
مواضيع أخرى قد تعجبك أيضًا:
يكمن السبب في كون الأمر مهمًا ويستحق الحديث عنه في هذه المرحلة بالذات هو خطة التيسير الكمي الأخيرة التي اقترحها وزير المالية الألماني “أولاف شولز” للمساعدة. حيث يُمثل هدفه الرئيسي بمنع الاقتصاد من الانحدار نحو الركود. في حين لا يزال العديد من القادة السياسيين في جميع أنحاء العالم يتذكرون بوضوح الآثار الصعبة التي شهدوها عقب أزمة الرهن العقاري. ولهذا السبب، فإن منع أي اتجاهات سلبية محتملة تقترحها مؤشرات الاقتصاد الكلي يُمثل أولوية قصوى بالنسبة لهم. بالإضافة إلى أنه تبدو معظم الأفكار لدى البنوك المركزية قد نفدت الآن، لذا يتطلع الكثيرون إلى الحلول الحكومية بدلاً من ذلك.
حتى الآن، يبدو أن قيام البنوك المركزية بزيادة المعروض من النقود من خلال التيسير الكمي هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، كان النمو الاقتصادي لمعظم البلدان المتقدمة يعمل بشكل فعال على دعم الحياة في شكل سياسات نقدية للبنك المركزي. والآن حتى هذا يثبت على أنه غير كاف. في حين كثيرًا ما شدد رئيس البنك المركزي الأوروبي “ماريو دراجي” على أن الشراء بالجملة لسندات الشركات والسندات الحكومية هو جهد عديم الجدوى. ويعود ذلك جزئيًا إلى أن هذه الأموال لا تتدفق مباشرة إلى الاقتصاد الحقيقي، بل إلى الأصول المالية الأخرى. وهذا يعني في النهاية أن البنوك المركزية قد لا تمتلك بالضرورة الأدوات اللازمة لمنع حدوث أزمة مالية أخرى.
ما المقصود بمروحية الأموال
هذا يعيدنا إلى فكرة مروحية الأموال. حيث يكمن المفهوم الأساسي في أن الحكومة تطلق السندات التي يشتريها البنك المركزي للبلاد. ثم توزع الحكومة الأرباح المكتسبة بهذه الطريقة في شكل مزايا اجتماعية. وتكون الفئة المستهدفة الأساسية لهذه المزايا هي شرائح السكان الذين ليس لديهم دخل كافٍ للإنفاق على السلع الاستهلاكية. حيث تتمثل الفكرة في أن إعطاء هذه الأموال للأشخاص المتواجدين على الطرف الأدنى من نطاق الدخل يزيد من احتمالية أن ينتهي الأمر بالإنفاق بدلاً من الادخار. ومن الناحية النظرية، من شأن الإنفاق أن يعزز مبيعات التجزئة وبالتالي يسمح للشركات بالنمو. بمعنى أن هذا يوسع دعم الحياة الاقتصادية المُقدم من قبل البنوك المركزية من مجرد شركات إلى عامة السكان أيضًا.
في حين تقضي الخطة الألمانية بتوزيع 50 مليار يورو (حوالي 55 مليار دولار أمريكي) على السكان. كما يتطابق هذا المبلغ مع فائض ميزانية الحكومة الألمانية، لذلك سيعملون على إعادة توزيع الفائض المذكور بين مستهلكي السوق المحلية. وللوهلة الأولى يبدو أنه حل مستدام، ومع ذلك، من الناحية العملية، من المحتمل ألا يساهم بفعل الكثير في وجه وقف الركود الفعلي. بينما دفع هذا النقص بالسياسيين نحو استكشاف إمكانيات خيارات التحفيز الأخرى. وكان أحد هذه الخيارات التي حظيت باهتمام كبير هو رفع مستوى مروحية الأموال التي يسميها المتداولون بـ الدخل الأساسي الشامل.
ومن المؤيدين الرئيسيين لهذا الاقتراح الخبيرة الاقتصادية “ستيفاني كيلتون”. والتي تشتهر بعملها في نظرية النقد الحديثة. كما تعمل أيضًا كمستشار اقتصادي لممثلي الكونجرس ومجلس النواب. في حين يعتبر مفهوم الدخل الأساسي الشامل مثيرًا للجدل في أحسن الأحوال بينما يعد حلمًا وهميًا في أسوأ الأحوال. ولسوء الحظ، فإن قائمة الأدوات المحتملة لمنع الركود قصيرة جدًا لدرجة أن الدخل الأساسي الشامل لم يتم استبعاده بالكامل حتى الآن.
بدائل لمروحية الأموال
يمكن أن يمثل التطور التكنولوجي السريع بديلاً محتملاً أيضًا. حيث لم تجذب الشعبية المتزايدة وانتشار الأنظمة القائمة على البلوك تشين والعملات الرقمية انتباه البنوك والشركات الكبرى فقط. بل الكثير من الأشخاص في مناصب السلطة الحكومية جُذب انتباههم أيضًا. وكانت الصين هي إحدى الدول التي تدرس عن كثب إمكانية إدخال عملة رقمية وطنية. وهذا يعد ذو صلة كبيرة بمفهوم مروحية الأموال. حيث إذا أراد المرء تقديم اقتراح جاد للدخل الأساسي الشامل، فإن أحد الخيارات لتحقيق ذلك سيكون حلاً رقميًا بدلاً من العملة الحقيقية. ونلاحظ أن هذا الإصدار على الورق يكون قابلًا للتنفيذ نظريًا بدون مشاكل التدفق النقدي الواضحة التي ستعاني منها الخطة بخلاف ذلك. كما يمكن أن يؤدي إصدار عملة رقمية أيضًا إلى إبقاء تكلفة تمويل الدين الوطني عند مستوى يمكن التحكم فيه. ومن الناحية النظرية، تمتلك مخاطر أقل لتضخم العملة الوطنية. بينما يشكل التضخم أيضًا خطر خفض قيمة المدخرات.
حلول أخرى
لا يزال هناك قدر كبير من العمل الأساسي الذي يجب القيام به قبل أن يصبح هذا الاقتراح جاهزًا للنظر فيه عن بُعد. وحتى يحين ذلك، كل ما يمتلكه القادة السياسيين هو الأساليب الكلاسيكية لمنع الركود. على سبيل المثال، اقترح الرئيس “ترامب” في السابق تخفيض الضرائب على الرواتب. في غضون ذلك، أعلنت ألمانيا أنها تخطط لخفض ضرائب الشركات. بينما تمتلك اليابان أيضًا حل بديل آخر يمكن اعتباره تقريبًا نظامًا هجينًا. حيث يدعم بنك اليابان الإنفاق الحكومي من خلال شرائه المستمر للسندات الحكومية كوسيلة لضخ السيولة.
ومن الناحية العملية، يمثل حلهم نظام تحفيز اقتصادي مركزي بجانب سعر فائدة أساسي سلبي، مما يعني أن السندات الحكومية في الواقع تدفع أموالًا أقل عند انتهاء الصلاحية مما تم شراؤها من أجله. وهذا يساعدهم على إبقاء معدل التضخم منخفضًا ويعني أيضًا أن الدين الحكومي يبلغ 240٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ووفقًا للنظريات الاقتصادية التقليدية، تعد اليابان دولة على مقربة من الإفلاس، ومع ذلك، لا يبدو أن هذا هو الحال في الواقع.
هل يجب أن نبدأ بالتحضير لنظام اقتصادي وسياسي جديد حيث لا تشكل السندات الحكومية الأساس لاستثمار آمن؟ والتحضير لعالم تبدأ فيه أسعار الفائدة برقم سالب وتشجعنا البنوك المركزية على الإنفاق عبرطباعة النقود إلى الأبد؟ لنترك الأمر للزمن وهو كفيل بإخبارنا.