آخر تحديث في سبتمبر 14, 2023
لعلك سمعت بفقاعة الدوت كوم أو فقاعة الانترنت إحدى أكثر فقاعات سوق الأسهم شهرة حتى الآن. ومع ذلك، كان هناك الكثير غيرها في الماضي لعلك لم تسمع بها.
كانت فقاعة بحر الجنوب من بين أول وأهم فقاعات سوق الأسهم، مما تسبب في واحدة من أبرز حالات انهيار الأسهم في التاريخ.
وهي شهادة على عدم القدرة على التنبؤ بالسوق وعواقب المضاربة غير المضبوطة.
تتعمق هذه المقالة في فقاعة بحر الجنوب، وتدرس الأسباب التي أدت لحدوثها وتداعياتها والدروس المستفادة منها.
الخلفية التاريخية لفقاعة بحر الجنوب
كانت شركة بحر الجنوب عبارة عن شراكة بين القطاعين العام والخاص تأسست في بريطانيا العظمى عام 1713. كان الغرض المعلن هو إقامة تجارة مع أمريكا الجنوبية – بشكل أساسي لتزويد العبيد الأفارقة.
وكانت المشكلة هنا أن إسبانيا كانت تسيطر على أمريكا الجنوبية. في غضون ذلك، كان البريطانيون في حالة حرب مع إسبانيا عرفت بحرب الخلافة الإسبانية.
وفي حين كان من غير المرجح أن تنجح هذه التجارة، كان هناك مخطط آخر وراء الكواليس. وكانت في الواقع خطة لزيادة الدين الحكومي عن طريق تحويل الدين إلى أسهم الشركة.
أخذت الشركة ديونًا بقيمة 9 ملايين جنيه إسترليني كبداية، وكان سعر الفائدة 6٪ سنويًا. وبحلول عام 1719، وصل دين المتنامي لشركة بحر الجنوب إلى ما يعادل 11.7 مليون جنيه إسترليني. وبحلول عام 1720، تجاوزت قيمة الدين ما يزيد عن 50 مليون جنيه إسترليني.
لقد أخذوا هذه الخطة إلى أبعد من ذلك، حيث اشتروا الشركة جميع الديون البالغة 30 مليون جنيه إسترليني.
ونتيجة لتحويل الديون إلى أسهم، حصل العديد من السياسيين على عدد كبير من الأسهم. وكانت هذه حملة عامة تهدف إلى تحفيز السكان على الاستثمار، وبالتالي تضخيم سعر سهم الشركة.
وحدثت فقاعة ضخمة بسبب هذا. من أواخر فبراير إلى أوائل أغسطس عام 1720 السهر قفزت إلى 1000 جنيه إسترليني. ثم انهارت الشركة بعد ذلك في غضون أسابيع قليلة.
الأسباب الرئيسية لفقاعة بحر الجنوب
في حين ساهمت العديد من العوامل في فقاعة بحر الجنوب، فإن أهم أسبابها هي:
- جاذبية المكاسب المالية: كان العديد من المستثمرين مدفوعين باحتمال تحقيق أرباح سريعة وضخمة، مما دفعهم إلى شراء الأسهم في شركة بحر الجنوب.
- الافتقار إلى التنظيم: لم يكن في ذلك الوقت سوى القليل جدًا من الضوابط فيما يتعلق بتداول الأسهم والمضاربة، وهو ما كان يجعل تضخيم الأسعار بشكل اصطناعي أكثر احتمالا للحدوث.
تداعيات فقاعة بحر الجنوب
كان لهذا الانهيار الكبير تداعيات كثيرة. تمت الإطاحة بالعديد من السياسيين، وحتى أن بعضهم قد دخل السجن.
حتى إسحاق نيوتن عالم الفيزياء كان له حضور بشكل ما في هذا الحدث، وليس فقط مرة واحدة فقط بل مرتين. فلقد جنى الكثير من المال في وقت مبكر من فقاعة بحر الجنوب. ثم اختار الشراء مرة أخرى بعد أن حقق أصدقاؤه أرباحًا كبيرة. ومع ذلك، هذه المرة، فقد معظم ثروته عندما انخفض السعر.
ونتيجة لذلك، أصدرت السلطات في وقت لاحق قانون الفقاعة للحماية من المخططات المماثلة.
خمسة دروس مستفادة من فقاعة بحر الجنوب
فقاعة بحر الجنوب هي قصة تحذيرية تحمل دروسًا ثمينة يمكن أن يستفيد منها مستثمرو اليوم. وتشمل ما يلي:
1. أهمية فهم المبادئ الأساسية للاستثمار
من أهم الدروس التي زودتنا بها فقاعة بحر الجنوب، هي أهمية اجراء البحث الواجب بعناية حول الاستثمار قبل الشروع فيه. حيث كان العديد من المستثمرين قد اشترى أسهم الشركة بعد الضجة التي حدثت حولها دون أن يكون لديهم فهمًا قويًا لنموذج أعمالها ووضعها المالي.
2. الحاجة إلى تنظيم السوق
يعد التنظيم في الصناعة المالية أمرًا ضروريًا للحفاظ على الاستقرار. حيث أن الافتقار للتنظيم يساهم في ظهور العديد من الممارسات المحفوفة بالمخاطر وتزايد التداول من الداخل، مما يؤدي في النهاية إلى الانهيار.
3. التنويع في الاستثمار مهم جدًا
التنويع يقلل من المخاطر الواقعة على محفظتك. الكثير من الأشخاص كانت محفظتهم تتكون بشكل كامل من أسهم الشركة نفسها، مما جعلهم عرضة لمخاطر لا نهائية.
التنويع هو استراتيجية استثمارية مهمة تساعدك على التخفيف من المخاطر وزيادة العائدات من خلال توزيع رأس المال عبر الأصول المختلفة.
اقرأ أيضًا: ما هو تنويع الاستثمار؟
4. عواقب الجشع وخيمة
تسلط فقاعة بحر الجنوب الضوء على مخاطر الجشع المفرط في الاستثمار. حيث ضخ العديد من المستثمرين أموالهم بشكل أعمى في الشركة دون اجراء البحث اللازم حول الشركة.
بصفتك مستثمرًا، يجب عليك دائمًا الالتزام بنهج استثماري حذر. ويكون ذلك عن طريق اجراء تحليل دقيق بدلاً من التفاؤل الساذج ونسج الأحلام بتحقيق مكاسب سريعة.
5. ركز على القيمة طويلة الأجل
كان تركيز غالبية المستثمرين في شركة بحر الجنوب على المكاسب قصيرة الأجل بدلاً من السعي وراء القيمة طويلة الأجل. وهذا منعهم من تقدير القيمة العادلة الحقيقية للشركة.
وهذا هو السبب في أن مواءمة خطتك الاستثمارية مع النمو الاقتصادي الحقيقي وخلق القيمة المستدامة أمر بالغ الأهمية.
الخلاصة: فقاعة بحر الجنوب هي درس في الاستثمارات الاستراتيجية
تسلط الدروس المستفادة من فقاعة بحر الجنوب الضوء على ضرورة اجراء البحوث اللازمة حول الاستثمار وأهمية الرقابة التنظيمية والدور المهم للتنويع في استثمار المحفظة.
وتبقى هذه الحكاية قصة تحذيرية للمستثمرين المعاصرين تنبههم إلى ضرورة اتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على تحليل متعمق بدلاً من المضاربات العشوائية.